في مشهد رمزي جمع بين عبق الحضارة المصرية ومشهد السياسة الدولية، اصطحب الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارة مسائية إلى خان الخليلي العريق وسط القاهرة، حيث تجولا بين الأزقة القديمة وسط ترحيب شعبي واسع، في وقت تشهد فيه المنطقة تحركات دبلوماسية مكثفة لإنهاء التصعيد في غزة.
زيارة ماكرون إلى القاهرة التي بدأت مساء الأحد جاءت بطابع رسمي، وركّزت على جهود احتواء الحرب المتصاعدة في القطاع، ورافق وصوله استعراض جوي مصري لطائرات رافال، أشار إليه الرئيس الفرنسي باعتباره رمزا عسكريا للتعاون الوثيق بين باريس والقاهرة، قبل أن يبدأ جولته الخاصة في المتحف المصري الكبير المطل على أهرامات الجيزة، والذي يستعد لافتتاحه بعد سنوات طويلة من العمل، ويضم بين جدرانه قرابة مئة ألف قطعة أثرية، أبرزها كنوز توت عنخ آمون وتمثال رمسيس الثاني.
صباح الإثنين، يبدأ الرئيسان السيسي وماكرون جولة محادثات رسمية، تنضم إليها لاحقا شخصية بارزة في المشهد الإقليمي، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، لعقد قمة ثلاثية تبحث سبل التهدئة في غزة، ضمن تحرك سياسي يوصف بأنه الأكثر كثافة منذ بداية الأزمة، خاصة أن باريس تعتبر القاهرة وعمّان محورين أساسيين في بناء مسار الحل.
ويحمل ماكرون معه وفدا وزاريا رفيعا يضم وزراء الخارجية والدفاع والاقتصاد والصحة والتعليم والنقل، حيث سيتم توقيع اتفاقات ثنائية في مجالات متعددة تشمل الطاقة والنقل والتعليم العالي والصحة، وتُستكمل أجندة الزيارة بمشاركة الرئيس الفرنسي في منتدى للأعمال المصرية الفرنسية، إلى جانب جولات في جامعة القاهرة ومشروع المترو المشترك مع شركة RATP الفرنسية.
ويتوجه ماكرون يوم الثلاثاء إلى مدينة العريش بشمال سيناء، الأقرب إلى معبر رفح الحدودي، حيث يتفقد ميناء العريش الذي تحول إلى مركز رئيسي لتجميع المساعدات الموجهة إلى غزة، ويجري لقاءات مع فرق إغاثة محلية ودولية، ومنظمات إنسانية، إضافة إلى ممثلين عن الهلال الأحمر المصري، وربما فلسطينيين وصلوا إلى هناك.
الزيارة تسلط الضوء على تعقيدات الوضع الإنساني في غزة، في ظل الحصار المشدد على المعابر، ومنع إسرائيل دخول المساعدات منذ مطلع مارس، بينما تستمر الغارات على القطاع المحاصر، وهو ما يجعل من القاهرة محطة محورية في جهود احتواء المأساة، ورسالة فرنسية حاسمة بضرورة وقف القتال والإفراج عن الرهائن، وضمان وصول الإغاثة دون عوائق.