في تطور جديد يعكس تصاعد الرفض الداخلي للحرب في غزة، قرر الجيش الإسرائيلي إعادة ترتيب أوراقه بعد موجة واسعة من احتجاجات جنود الاحتياط الذين دعوا إلى وقف العمليات العسكرية والدخول في مفاوضات عاجلة لإعادة الأسرى، وفق ما أوردته صحيفة “هآرتس” العبرية.
بحسب الصحيفة، اختار الجيش سحب عدد كبير من جنود الاحتياط من ساحات المواجهة، واستبدالهم بوحدات نظامية، مع تقليص استدعاءاتهم في المرحلة الراهنة، في خطوة توصف بأنها ناتجة عن مخاوف من تأثير الانقسام داخل صفوف الجنود على فعالية المهام القتالية.
ويعزو قادة المؤسسة العسكرية هذا القرار إلى ما وصفوه بـ”اهتزاز الثقة” لدى الاحتياط في جدوى العمليات، وهو ما قد يعرقل تنفيذ الخطط العسكرية على أكثر من جبهة، سواء داخل غزة أو عبر حدودها الشمالية مع لبنان وسوريا، إضافة إلى الضفة الغربية.
تشير التقديرات داخل الجيش إلى أن الاعتماد المتزايد على القوات النظامية يأتي لتفادي حالة التمرد المتصاعدة بين صفوف الاحتياطيين، الذين بدأ عدد منهم يرفض الاستجابة لأوامر الاستدعاء لأسباب متعددة، أغلبها مرتبط بالاعتراض على مسار الحرب.
وتنقل “هآرتس” عن مصادر عسكرية أن القرار الذي اتخذه رئيس الأركان إيال زامير بإقصاء أفراد من سلاح الجو عن الخدمة بعد توقيعهم على رسالة احتجاجية قد جاء بنتائج عكسية، إذ ساهم في اتساع دائرة الرفض بدلاً من كبحها.
مصادر أخرى داخل المؤسسة العسكرية ترى أن ردود فعل زامير وقائد سلاح الجو تومر بار لم تكن متوازنة، وأن الأزمة خرجت عن السيطرة مع انضمام المزيد من جنود الاحتياط إلى الحملة الرافضة للقتال، عبر رسائل احتجاج جديدة تُوقع يومًا بعد يوم.
وتتحدث الصحيفة عن توجه جديد لدى قيادة الجيش يقضي بإجراء لقاءات مع ممثلين عن الموقعين على الرسائل الاحتجاجية، في محاولة لفهم مطالبهم والتوصل إلى تفاهم يساهم في امتصاص حالة الغضب المتزايدة.
كما تعترف مصادر عسكرية بأن قرار طرد بعض الجنود لم يكن نابعًا فقط من المؤسسة العسكرية، بل جاء بتأثير واضح من ضغوط تمارسها أطراف سياسية، حتى وإن لم تُعلَن بشكل مباشر، مما يعزز القناعة بأن الأزمة الحالية باتت أعمق بكثير مما يُعرض للرأي العام.
وعلى مدار الأيام الماضية، تعالت الأصوات داخل إسرائيل، من جنود حاليين وسابقين، تطالب بوضع ملف الرهائن على رأس الأولويات، وتوقف فوري للعمليات في غزة، وهي دعوات لم تقتصر على العسكريين، بل امتدت إلى فئات واسعة من المجتمع، من فنانين وأكاديميين إلى معلمين ومهندسين، ما يكشف عن تصدعات غير مسبوقة في الموقف الداخلي تجاه الحرب.