مع التطور السريع في التكنولوجيا، يشهد العالم تحولًا جذريًا في طبيعة الجرائم، إذ باتت الجرائم السيبرانية والتصيد الاحتيالي تهدد الأفراد والمؤسسات على حد سواء، ويرى خبراء علم الجريمة أن التطور التقني يفرض تحديات جديدة على الجهات الأمنية، ما يستدعي سن تشريعات صارمة وتطوير أنظمة الحماية الرقمية.
في هذا السياق، يشير الدكتور مناور العنزي، أستاذ علم الجريمة بجامعة نايف للعلوم الأمنية، إلى أن التكنولوجيا الحديثة لم تُحدث فقط نقلة نوعية في أنماط الجريمة، بل أثرت أيضًا على أساليب مكافحتها، موضحًا أن الجرائم المستحدثة، مثل الاحتيال الإلكتروني، تتميز بسهولة التنفيذ، وصعوبة التتبع، وغياب التفاعل المباشر بين الجاني والضحية.
ويواجه الأمن السيبراني تحديات كبرى، أبرزها صعوبة الحصول على أدلة رقمية، والتطور السريع لأساليب الاختراق، وضرورة التعاون الدولي لمكافحة الجرائم الإلكترونية.
أما عن تأثير الإعلام، فيشير الخبراء إلى أن دوره مزدوج؛ إذ يسهم في زيادة الوعي بمخاطر الجريمة، لكنه في الوقت ذاته قد يعزز انتشارها من خلال عرض تفاصيل وأساليب تنفيذ الجرائم، ما قد يشجع البعض على تقليدها.
ومع تزايد التعقيدات في المشهد الإجرامي، يتوقع أن تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي دورًا محوريًا في التنبؤ بالجرائم قبل وقوعها، فضلًا عن تعزيز ممارسات العدالة التصالحية وإعادة تأهيل المجرمين باستخدام تقنيات مثل الواقع الافتراضي.
في النهاية، يبقى التطور المستمر في الجريمة تحديًا يستوجب استراتيجيات متجددة تجمع بين الصرامة القانونية، والتعاون الدولي، والتقدم التكنولوجي لضمان مجتمعات أكثر أمانًا.